وكالات
من أين يحصل أصحاب “المكالمات الباردة” على على أرقام العملاء؟
باتت اتصالات المسوقين، أو ما يعرف بـ”المكالمات الباردة” صداعاً في رؤوس العديد من المصريين، فالاحتمالية العالية لفشل إتمام الصفقات لا تثني شركات التسويق العقاري عن محاولاتها والتي أصبح بعضها مادة للسخرية.
لا يهم وضعك المادي أو مستوى دخلك، لكنك في الغالب تعرضت لبعض من تلك المكالمات: “مساء الخير، أنا فلان/ة من شركة كذا للتطوير العقاري، الشركة بتقدم عرض لفترة محدودة، تقسيط على 8 سنوات، وبمقدم 5 أو 10% أو حتى بدون مقدم”. وإذا كان ردك ما السعر؟.. هنا تأتي الصدمة للغالبية العظمى من المصريين. غالباَ بضعة ملايين للوحدات أقل من 100 متر، أو عدد مكون من ثمانية أرقام، وتصل إلى عشرات الملايين أو حتى مئات الملايين”.
يقول محمد عبدالله لـ “العربية Business”: “أعمل كمحاسب في مصنع صغير في شرق القاهرة، وبالكاد أتمكن من تغطية مصاريف أولادي، فلا يتبقى لي شيء في نهاية الشهر. لذلك فكرت في عمل إضافي بجانب وظيفتي الأساسية، فاشتريت سيارة بالتقسيط من أحد البنوك لاستخدامها في خدمات النقل الذكي، بهدف تدبير باقي التزاماتي المالية الشهري”.
ويضيف محمد: “لا أعلم من أين حصلوا على رقمي، ولكن ما أنا متأكد منه هو أنهم اختاروا الشخص الخطأ. لقد ضيعوا ثمن مكالمة على شخص يناضل شهرياً لتوفير احتياجات أبنائه”.
في الفترة الأخيرة، باتت مكالمات شركات التسويق العقاري تلاحق الكثيرين باستمرار، وكل منها يقدم عروضاً على عقارات بأسعار خيالية في مختلف المدن. مبدأ تلك الشركات في العمل، هو توظيف عشرات الأشخاص لإجراء مكالمات عشوائية مع قائمة حصلوا عليها من بيانات شركات الاتصالات، أو بعض البنوك، أو شركات التأمين، أو غيرها. وتعتمد الاستراتيجية بالأساس على “ضربة الحظ”. فقد تأتي مكالمتك في وقت يبحث فيه شخص ما عن وحدة عقارية، وصفقة واحدة ناجحة في الشهر قد تكون كافية.
المكالمات الباردة
قال علاء الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة “”أسيت تاب للتسويق العقارى، إن المكالمات العشوائية تسمي مكالمات باردة ويقوم فيها المسوق العقاري بالاتصال بقائمة طويلة من الاشخاص دون أن يكون له سابق معرفة بهم أو لديهم المعلومة حول ملائتهم المالية للشراء لعل أن تصيب الصدفة في الحصول على موافقته والفوز بتحقيق هدف بيع.
وأضاف الشيخ لـ “العربية Business” أن هذه المكالمات قد زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة نظراً لارتفاع عدد شركات التسويق العقاري، فضلاً عن أن العديد من المطورين لا يتحمل القدرة على تكاليف الحملات التسويقية القوية، سواء من خلال المعارض أو الإعلانات التلفزيونية.
وبينما يرى سكرتير عام الجمعية المصرية للتسويق العقاري رضا المنشاوي أنه لا يوجد حصر مؤكد لشركات التسويق العقاري بالسوق المصري، ولكن ما يتم تداوله أن العدد ما بين 5000 إلى 8000 شركة.
اتفق المنشاوي مع الشيخ على أن هناك زيادة في عدد المسوقين العقاريين، العديد منهم يعملون بشكل حر حتى وإن لم يكن تخصصه. كما أشار إلى زيادة عدد المطورين في مناطق محددة مؤخراً، حيث يوقع المطور عادةً مع أكثر من 3000 شركة تسويق لبيع مشروع واحد. والأكثر من ذلك أن بعض شركات التسويق يوجد بها عدد كبير من المسوقين، معتبراً أنه لا يوجد قانون منظم يحدد عدد الشركات التي يجب أن يتعاقد معها المطور العقاري لتسويق مشروعاته.
مصدر بيانات العملاء
أوضح الشيخ أن مصدر البيانات يكون من قوائم البنوك وشركات الاتصالات وبعض العلامات التجارية المعروفة في مصر بالإضافة إلى قوائم بعض الفنادق وبعض المطاعم الشهيرة، وبعض البيانات المتاحة عن مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي. إلا أن تلك القوائم يتم بيعها بشكل غير قانوني أو رسمي من قبل بعض الأفراد في هذه الأماكن.
كما أشار إلى أن هناك قوائم يتم تداولها بين السماسرة وشركات التسويق العقاري، بالإضافة إلى أرقام هواتف العملاء الذين سجلوا في بعض الإعلانات العقارية أو الإعلانات عن سلع رفاهية.
وأوضح أن شراء قوائم الهواتف التي تحتوي على 5 إلى 10 آلاف رقم يُعد خياراً مُقبولاً من حيث التكلفة، حيث لا تكلفة تذكر للمكالمات الهاتفية، مما يجعل من الممكن تحقيق أهداف البيع من بين هذه القوائم بفعالية. بينما يتم بيع بعض أرقام العملاء بسعر يتراوح بين 1200 إلى 1500 جنيه، وذلك من خلال بعض منصات التواصل الاجتماعي للعملاء المؤهلين للشراء. بينما لا تتعدى نسبة نجاح المكالمات الباردة 1-2% من إجمالي البيانات العشوائية للعملاء.
عمولات المسوقين
قال محمد الليثي، استشاري المبيعات بشركة المطورون المصريون للتطوير العقاري، إن عمولات المسوقين العقاريين تختلف من شركة لأخرى، حيث تقدم بعض الشركات عمولات أكبر للمسوقين إذا أتموا البيع لعملاء من خارج عملاء الشركة، بينما تقدم شركات أخرى عمولة متساوية سواء كان البيع للعملاء الخاصين بشركة التسويق أو من خارجها. وأوضح أن بعض الشركات تصل عمولتها إلى 1% من إجمالي ثمن الوحدة، في حين يتعامل البعض الآخر مع المسوق بعمولة على إجمالي المستهدف.
وأضاف الليثي لـ “العربية Business” أن نسبة العمولة التي تتعاقد عليها شركات التطوير العقاري مع شركات التسويق تتراوح ما بين 3-5% من إجمالي ثمن الوحدة، وتعتبر شركات التطوير في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الأعلى على الإطلاق. وأشار إلى أن بعض شركات التطوير تمنح حافزاً إضافياً للمسوق الذي يتم الصفقة يصل إلى 4% من ثمن الوحدة بخلاف عمولة شركة التسويق التابعة لها.
وأشار الليثي إلى أنه بموجب التعاقد بين المطور وشركات التسويق، يتم صرف عمولة الأخيرة بمجرد إتمام التعاقد بين العميل والمطور العقاري، مضيفاً أن بعض شركات التطوير تقوم هي الأخرى بإجراء مكالمات باردة لتحفيز البيع.
تضر بسمعة المطور
من جانبه، قال عمرو سليمان مؤسس ورئيس مجلس إدارة ماونتن فيو للتنمية والاستثمار العقاري لـ “العربية Business”، إن المكالمات الباردة هي إحدى الوسائل “المستفزة” لبعض العملاء وخاصة للفئات غير المستهدفة”.
أكد أن الشركة توجه دائماً تنبيهات لشركات التسويق العقاري المتعاقدة معها بعدم استخدام المكالمات الباردة في الترويج لمشروعاتها الجديدة، ولكنها لا تمتلك السيطرة على طرق تسويق وبيع الوحدات العقارية من قبل المسوقين.
وأشار إلى صعوبة إدراج بنود في العقود مع شركات الوساطة العقارية لمنع استخدام المكالمات الباردة في التسويق أو البيع، بسبب صعوبة مراقبتها للتأكد من عدم استخدامها كوسيلة تسويقية.
وعلى الرغم من أن المكالمات الباردة أو العشوائية تُعتبر وسيلة لشركات التسويق منذ فترة طويلة، إلا أن استخدام هذه القوائم من قبل أكثر من شخص في نفس الشركة يُعد ممارسة شائعة. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يفتقر المسوقون إلى التدريب الكافي على التواصل مع العملاء في مثل هذه المكالمات، ونادراً ما يتبعون أساليب حديث تتناسب مع هذا النوع من التواصل، بحسب الشيخ.
بينما طالب المنشاوي بوجود تشريعات منظمة لمجال التسويق العقاري بمصر، وتسجيل الجاد منها فقط، كما طالب المطورين باختيار شركات التسوق ذات السمعة وصاحبة سجل من الخبرات في هذا المجال لتجنب الحرج مع العملاء والزج باسم المطور في هذه المكالمات.
التكنولوجيا العقارية
بدوره، بدأ الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة كثرة شكاوى المواطنين من المكالمات العشوائية المستفزة. خصص الجهاز رقماً ومنصة على موقعه يمكن من خلالها لأي شخص الإبلاغ عن الأرقام التي تستخدم في هذه المكالمات، ليتم تطبيق غرامات على أصحابها.
ومن جانبه، قال أحمد البطراوي، رئيس مجلس إدارة شركة إي سيستماتيك (E Systematic)، المنفذة لمنصة مصر العقارية الرسمية لبيع وشراء وإيجار العقارات في مصر، إن استخدام التكنولوجيا العقارية الحديثة له تأثير أكبر وأفضل في بيع العقارات مقارنة بالاستخدام العشوائي غير المدروس لبيانات المواطنين.
وأشار البطراوي إلى أن منصة “مصر العقارية” تهدف إلى جمع المتخصصين في القطاع العقاري لتحسين كفاءة السوق وتعزيز الثقة والشفافية. وأوضح أن المنصة ستكون مركزاً واحداً للمتخصصين والوكلاء العقاريين، مما يضمن وجود قاعدة بيانات مركزية وانتشار عالمي. وأضاف أن حجم استثمار الشركة في المنصة وصل إلى مليار