وكالات
52 منصة رقمية حصلت على تراخيص خلال عام على تطبيق نظام الوساطة العقارية
يمثل نقص “البيانات العقارية الدقيقة” أحد أبرز التحديات أمام تقديم خدمات الوساطة الرقمية في السعودية، وفقاً لمسؤولي منصات عقارية تحدثوا لـ”الشرق”، مؤكدين أن توافر هذه البيانات المدققة سيسهم في زيادة الصفقات، بما يشجع على جذب مزيد من الاستثمارات إلى القطاع العقاري في المملكة
الآمال العريضة المعلقة على المزج بين البيانات الدقيقة والخدمات الرقمية أشار إليها سليمان السويلم، الشريك التقني المؤسس في “عقار ساس”، في حديث مع “الشرق” على هامش ملتقى “الوساطة العقارية” الذي أُقيم في الرياض الأسبوع الماض، مصرحاً: “أتطلع لأن نصل لمرحلة نعتمد فيها على بيانات متكاملة ومنقحة، بما يسهم في إتمام الصفقات العقارية دون الحاجة إلى زيارة فعلية لموقع العقار، وذلك يتطلب تعميق الاستفادة من التقنيات كالذكاء الاصطناعي والخوارزميات”.
حول طبيعة البيانات التي تحتاج إلى تدقيق، يوضح السويلم أن “المقصود هو غياب تحديد الموقع الجغرافي عند تسجيل الصفقات، أو غياب تحديد موقع العقار، وطبيعته سواء كان شقة أو فيلا، كما أن هناك صفقات تتم بثمن أعلى أو أقل من سعر السوق، دون وجود مبرر مفهوم”.
عمر العمر، الرئيس التنفيذي في شركة “بسيطة” لحلول التقنية العقارية، يوافق على وجه النظر القائلة بأن “دقة البيانات تُعد أحد التحديات”، لافتاً إلى إمكانيات التحقق من جودتها عبر أدوات إلكترونية كالخوارزميات الإحصائية، أو حتى التحقق اليدوي إذا لزم الأمر.
حلول قريبة
تحظى “جودة البيانات” باهتمام من الجهات المسؤولة عن النشاط العقار السعودي باعتبارها إحدى أدوات تسريع وتيرة الاستثمار في القطاع. وينوّه تيسير المفرج، المتحدث الرسمي في الهيئة العامة للعقار، في حديثٍ لـ”الشرق” بأن التكامل بين البيانات العقارية الصادرة عن الجهات المختصة مع تلك الصادرة عن شركة “السجل العقاري”، من شأنه أن يحقق نقلة نوعية على صعيد تعزيز جودة البيانات.
في سبتمبر 2022، أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي الشركة الوطنية لخدمات التسجيل العيني للعقار (السجل العقاري)، بحيث تعمل من خلال منصة رقمية متكاملة، وبالتعاون مع الهيئة العامة للعقار والجهات الحكومية المعنية، على إنشاء سجل عقاري شامل لجميع معلومات الوحدات العقارية، وتقديم خدمات تسجيل العقارات المتقدمة. ووقعت الشركة اتفاقيات مع “عقار ساس”، و”بسيطة” لحلول التقنية، و”علوم البيانات لتقنية المعلومات”، لتمكين هذه المنصات من الوصول إلى البيانات وتحليلها واستخراج مؤشرات عقارية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن يجري الانتهاء من التسجيل العيني للعقارات خلال مدة عام في العاصمة الرياض، وبغضون 5 أعوام في كامل مدن المملكة، ومن شأن إتمام هذه العملية أن يوفر بيانات متكاملة عن العقار كإصدار “رقم عقار”، وصك ملكية لكل وحدة عقارية يتم تسجيلها، مع تحديد الموقع الجغرافي الدقيق للعقار وكافة التفاصيل المتعلقة به والتصرفات الطارئة عليه، ويتزامن ذلك مع فرض غرامات على المتخلفين عن التسجيل، وفقاً لموقع الهيئة العامة للعقار.
أكبر سوق للبناء
تراهن السعودية على القطاع العقاري كأحد روافد التحول الاقتصادي ودعم الناتج المحلي غير النفطي. ومن المتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع في اقتصاد البلاد إلى 10% في 2030، وفق وكالة “ستاندرد آند بورز”، بينما بلغت هذه النسبة أقل من 7% خلال الربع الأول من العام الحالي، استناداً إلى الهيئة العامة للإحصاء.
وعلى صعيد المؤشرات المرتبطة بالمشاريع، ارتفعت قيمة أنشطة البناء في المملكة 4.3% على أساس سنوي إلى 141.5 مليار دولار بنهاية 2023، بحسب “نايت فرانك”، التي تتوقع أن تصل قيمة المشاريع بكافة القطاعات إلى 181.5 مليار في 2028، ما يجعل المملكة أكبر سوق لقطاع البناء في العالم.
ازدهار الوساطة الرقمية
بعد عام على بدء تطبيق نظام الوساطة العقارية في السعودية، بلغ عدد الصفقات عبر النظام الجديد أكثر من 3.5 مليون صفقة، ومنحت الهيئة العامة للعقار تراخيص إلى 52 منصة عقارية. ويفصح المفرج أن الهيئة تستهدف بالمرحلة المقبلة تطوير الإجراءات، وتحسين تجربة العميل؛ “من خلال الأتمتة واستخدام التقنيات المتقدمة مثل تقنية الواقع الافتراضي”.
النتائج الإيجابية التي تركها نظام الوساطة العقارية، إلى جانب تلك المرتقبة من الارتقاء بجودة البيانات؛ “تشكل فرصاً حيوية لمنصات التقنية العقارية، وتؤسس لجيل جديد من الخدمات الرقمية”، بحسب صلاح السويدان، الرئيس التنفيذي لمنصة “ديل” في حوارٍ مع “الشرق”. مشيراً إلى أن الخدمات الرقمية شجعت الشباب السعودي على دخول مجال الوساطة العقارية؛ “فهناك 90 ألف وسيط عقاري استخدموا منصتنا”.
السويدان يستدل على تعطش القطاع للخدمات الرقمية من خلال النتائج المحققة عبر خدمة الربط بين العميل والوسيط العقاري، إذ “بعد مرور نحو 4 سنوات على إطلاق هذه الخدمة، أنجزنا عبر المنصة أكثر من 500 ألف عملية ربط بين الطرفين”.
بدورها، حققت منصة “عقار ساس” نمواً واضحاً في أعمالها منذ تأسيسها في 2016، إذ توفر خدمة التعرف على مواقع الصفقات العقارية من خلال محرك بحث يعتمد على البيانات المتاحة لديها، وتجهز مؤشرات مقارنة استناداً عليها. ويقول سليمان السويلم إن منصته أنجزت تحديداً أكثر من 780 ألف فرصة صفقة عقارية بمدينة الرياض، والتعرف على 94% من الصفقات المنجزة، وتعمل على تحديد مواقع الصفقات في باقي مدن المملكة.
يراهن المستثمرون في إنشاء وتشغيل المنصات العقارية السعودية على أن الارتقاء بجودة البيانات سيسهم في نمو الأعمال، على غرار الانتعاش الذي أحدثه تطبيق نظام الوساطة العقارية، ويتوقع عمر العمر نمو حجم أعمال منصته “بسيطة” بين 20% إلى 30% سنوياً، مقارنةً بنحو 15% إلى 20% قبل بدء العمل بالنظام.
هذا التفاؤل بآفاق نشاط الوساطة الرقمية في السعودية، يتردد أيضاً لدى منصة “بيوت” للتسويق العقاري، استناداً إلى النتائج المحققة خلال الأشهر الأخيرة، حيث يفيد رئيس المبيعات الرقمية عامر الحنيطي “الشرق” أنه خلال النصف الأول من هذا العام، شهدت “بيوت” نمواً بنحو 70% في عدد الزوار الباحثين عن العقار؛ “ونتوقع تحقيق نمو بنسبة 200% شهرياً في إقبال الزوار على المنصة، بما سينعكس -بلا شك- على عدد الصفقات المنجزة”.