توقع تقرير معلومات سوق الإنشاءات في مصر، والذي أصدرته شركة “جيه إل إل”، أن يحقق قطاع البناء والتشييد في البلاد نمواً ثابتاً في القيمة حتى نهاية العقد الحالي. وتعتبر مصر أكبر سوق للمشاريع العقارية في أفريقيا وثالث أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالاستناد إلى أحدث دراسة أجرتها “موردور إنتليجنس”، يتوقع تقرير “جيه إل إل” للربع الأول من عام 2024 أن ينمو قطاع البناء والتشييد في مصر بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 8% حتى عام 2029، مدفوعاً إلى حدٍ كبير بزيادة الإنفاق الحكومي، والشراكات الفعّالة بين القطاعين العام والخاص، والتوجه المتزايد نحو المباني الخضراء، والتركيز الثابت على تطوير البنية التحتية، والاستثمارات المستمرة في المشاريع السكنية ومتعددة الاستخدامات.
ويؤكد التقرير، الذي يستند إلى معلومات جمعتها الشركة من مصادر السوق وخبراء القطاع، أنه وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية السائدة على المستويين المحلي والدولي، تمتلك مصر حصة قدرها 515 مليار دولار (12%) من إجمالي قيمة المشروعات التي لم يتم ترسيتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 3.9 تريليون دولار. وتحتل المشاريع السكنية في مصر المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتشكل حوالي 36 مليار دولار (21%) من هذه الحصة، بينما تمثل المشاريع متعددة الاستخدامات في الدولة 115 مليار دولار (22%).
وأبدى القطاع السكني في العاصمة المصرية مرونة كبيرة مدفوعاً بالبداية القوية التي حققها خلال الربع الأول من عام 2024 وتقدم أعمال البناء والتسليم بالسرعة القصوى، حيث تم خلال الربع الأول من العام إنجاز أكثر من 7,000 وحدة سكنية – معظمها ضمن مشاريع المخططات الرئيسية – تُضاف إلى إجمالي مخزون العاصمة البالغ حوالي 276,000 وحدة، وسيتم تسليم حوالي 24,000 وحدة خلال الفترة المتبقية من عام 2024. ووفقاً لأبحاث “جيه إل إل”، فقد شهد متوسط سعر البيع في مدينة السادس من أكتوبر ارتفاعاً بنسبة 83% على أساس سنوي، في حين ارتفعت أسعار الإيجارات بنسبة 42%. وفي القاهرة الجديدة، تشير بيانات الشركة إلى ارتفاع متوسط سعر البيع بنسبة 95% على أساس سنوي وزيادة متوسط الإيجارات بنسبة 43%.
وبدأ عام 2024 بانطلاقة واعدة لقطاع السياحة في مصر مع إطلاق مبادرة حكومية جديدة بقيمة 50 مليار جنيه لتعزيز هذا القطاع عالي النمو الذي شهد أداءً قياسياً في عام 2023 مع استقبال ما يقارب 15 مليون زائر. وبموجب المبادرة الجديدة، قدمت الحكومة المصرية حوافز وتسهيلات ائتمانية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وتحقيق هدف مصر الطموح في زيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق بنحو 250 ألف غرفة فيما تستعد الدولة لاستقبال 30 مليون زائر بحلول عام 2028.
وفي الربع الأول من عام 2024، استقر إجمالي مخزون الغرف الفندقية في القاهرة عند 26,700 غرفة دون أي إضافات كبيرة. ومع ذلك، فإن الفنادق الجديدة والمُجدّدة المتوقع افتتاحها في وقتٍ لاحق من العام ستضيف حوالي 1,400 غرفة إلى المخزون الحالي.
وقالت لورا مورغان، رئيس قسم معلومات السوق في الشرق الأوسط وأفريقيا لخدمات المشاريع والتطوير في شركة “جيه إل إل”: “تؤثر تقلبات العملة والتضخم والتحديات الجيوسياسية الإقليمية والعالمية على ديناميكيات السوق في مصر، وتؤدي السوق الموازية للدولار إلى التلاعب بالأسعار وزيادة تقلبات سوق البناء في الدولة. ومع ذلك، فإن زيادة التزامات الاستثمار الأجنبي المباشر توفر سيولة كبيرة، كما تساهم الإصلاحات الحكومية الاستراتيجية بتقليل المضاربة في السوق بما يساعد على تعزيز ثقة المستثمرين. واستناداً إلى نقاط القوة في قطاع السياحة وتماشياً مع أهداف رؤية 2030، تواصل مصر مساعيها لتوسيع قطاع البناء والتشييد من خلال الاستثمارات والشراكات المستمرة لترسيخ مكانتها كسوق رائدة في المنطقة”.
ذكر تقرير “جيه إل إل” أيضاً أن الحكومة المصرية تسرّع جهودها لمعالجة ضغوط الاقتصاد الكلي وتقلبات السوق والعملة المحلية. ودخل الجنيه المصري الجولة الرابعة من التعويم مقابل الدولار في مارس 2024، وبعد ذلك حرّر البنك المركزي المصري سعر الصرف لجذب العملات الأجنبية والتغلّب على التضخم القياسي. ورغم حصول البنك المركزي المصري على اتفاقية قرض جديدة بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، إلا أن سيطرته على سعر الصرف والقيود المفروضة على المعاملات بالعملات الأجنبية أدت إلى ظهور سوق موازية للدولار، وبالتالي اختلال توازن السوق وزيادة المضاربة من قبل موردي المواد.
وقبل تحرير الجنيه، وقعت مصر مع دولة الإمارات العربية المتحدة صفقة رأس الحكمة التي تعتبر أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ البلاد، وقد أتاح ذلك ضخ 24 مليار دولار في السوق وتعويض ديون بقيمة 11 مليار دولار من خلال استخدام العملة المحلية لسداد مستحقات الصفقة. علاوةً على ذلك، تلقت مصر أكثر من 20 مليار دولار من المؤسسات الدولية وشركائها في التنمية لدعم برامج الإصلاح الاقتصادي. وبحسب تقرير “جيه إل إل”، من المتوقع أن يساهم ضخ هذه الأموال في تخفيف الأعباء الاقتصادية على الدولة، وترسيخ مكانة مصر كوجهة جذابة للاستثمارات المستقبلية.
وفي حين أدى ارتفاع أسعار النفط في الربع الثالث من عام 2023 إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في مصر بنسبة 5%، يتوقع البنك الدولي أن يصل متوسط أسعار النفط إلى 81 دولاراً للبرميل في عامي 2024 و2025. وتؤدي التقلبات المستمرة في أسعار العملات ومضاربات الموردين والتضخم إلى ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء المستوردة وتلك المُصنَّعة محلياً بمواد أولية مستوردة. ومع ذلك، فقد تراجعت أسعار مواد البناء نسبياً بعد تحرير سعر الصرف في مارس. ولاحظت “جيه إل إل” تقلبات في أسعار مواد البناء الرئيسية، حيث شهدت أسعار حديد التسليح زيادة بنسبة 41% على أساس سنوي، وارتفعت أسعار الكابلات النحاسية بنسبة 112% على أساس سنوي، بينما ارتفعت أسعار مقاطع الألومنيوم بنسبة 32%.