وكالات
يضع العديد من الأشخاص ممتلكاتهم العقارية في جانب الأصول، سواء كانت بغرض الاستثمار أو مخزن للقيمة، إلا أن الفارق قد يكون كبيراً في النهاية عندما يتعلق الأمر بمردود استثمارك العقاري على ثروتك ودخلك النهائي.
إدارة وتشغيل الوحدات العقارية، عبر تأجيرها تصطدم في أغلب الأحيان بمشكلات تشغيليه، سواء عمليات الصيانة أو التزام المستأجر بدورية السداد أو تقديم خدمات مرضية للعميل حال تحويل الوحدة السكنية إلى شقق فندقية. مؤخراً صعدت شركات ناشئة متخصصة في إدارة وتشغيل الشقق الفندقية، والتي تسمح بمشاركة مساحات جزئية أو كلية في وحدات عقارية منتشرة في العديد من المناطق لسد فجوة الطلب على الإيجار مع وجود معايير للوحدات وإمكانية التقييم للخدمة.
لماذا انتعش سوق الإيجارات في مصر؟
منذ إطلاق أعمال البناء للمشاريع السكنية في مصر عام 2013، للقضاء على العشوائيات، وإطلاق مجتمعات عمرانية جديدة – كان أكبرها العاصمة الإدارية والعلمين، ومؤخراً رأس الحكمة – توجه جزء كبير من الاستثمار المصري والأموال إلى القطاع العقاري، وتوسعت رقعة الأماكن الحضرية في مصر. فضلاً عن إعادة ترميم مناطق تاريخية مثل “وسط البلد” و”الزمالك” في القاهرة، وزيادة معدلات الإشغال في القاهرة الجديدة وما حولها، ما تطلب عمليات حركة وانتقال للعائلات والأسر.
بالإضافة إلى الطلب من المصريين في الخارج مع تراجع سعر الجنيه المصري، جانب كبير من تلك الوحدات السكنية غير مستغل من قبل أصحابها، نظراً للعديد من الأسباب والتي من بينها، عدم تواجد أصحاب الوحدات لمتابعة وتحصيل عائد إيجار وحداتهم العقارية، أو التخوف من مشاكل الصيانة وغيرها من الأزمات التي قد تنشأ من التعامل مع المستأجرين.
أما جانب الطلب فكان مدفوعاً باستضافة مصر للعديد من اللاجئين والذين تجاوز عدد 9 ملايين شخص، بحسب تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي. فضلاً عن النمو الكبير في السياحة القادمة إلى مصر.
هيثم فارس، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة فيستاء Veesta، لإدارة الوحدات الفندقية المملوكة للعملاء “أحد النسخ المصرية من شركة تأجير العقارات الشهيرة Air BNB”، قال إن الفكرة تبلورت عندما كان هو وأصدقاؤه يبحثون عن ملعب تنس مناسب في منطقة “سوما باي” بالغردقة لأنه بعد حجز فندق لليلة بغرض لعب التنس بملعب الفندق كان الملعب غير ملائم للعب، وبعدها اليوم التالي تم الحجز في فندق آخر، ولكن تفاجئوا أنه لا يوجد به ملعب تنس.
وأضاف،” قررت أن أحل مشكلة عدم وجود ملاعب تنس مجهزة للعملاء أو نزلاء الفنادق، وأثناء البحث والدراسة وجدت مشكلة أكبر ألا وهي عدم وجود شقق فندقية بمنطقة سوما باي وأن المنطقة تقتصر فقط على الفنادق، ولأني أمتلك شقة في المنطقة بدأت التجربة بها باستخدام تكنولوجيا بسيطة وبدأت الشقة تدر ربح من الإيجار وفوجئت بعدها بجارتي تطلب مني تأجير شقتها للآخرين للاستفادة منها ومن هنا بدأ العمل يتوسع بشكل كبير حتى أسست فيستا في عام 2019 كشركة مساهمة لإدارة الوحدات الفندقية وتأجيرها بشكل احترافي من خلال استيراد التكنولوجيا الحديثة التي تساعد في إنجاز تلك الأعمال”.
نحو 5 شركات تعمل في هذا القطاع في السوق المصرية، وتتقاسم الإيجار مع المالك، بنسب تتراوح بين 20 إلى 50%، والتي تتحدد بموجب عقد بين المالك وبين الشركة.
15 مليون شقة وفيلا
وأوضح فارس في مقابلة مع “العربية Business” أن سوق إدارة وتأجير الوحدات الفندقية المملوكة للعملاء واعد جدا، مضيفا أن مصر بها 15 مليون شقة وفيلا في أرقى المناطق مثل التجمع الخامس، الشيخ زايد، الساحل الشمالي، الجونة، وسوما باي وغيرها غير مستغلة وغير شاغرة ولا تتعدى نسبة الإشغال بهم 10%.
ونفى فارس فكرة وجود عقار أو أصل غير مستغل باعتباره مخزنا للقيمة، موضحا أن الأصل هو الشيء الذي يدر على المالك دخلا، لهذا بدأ وعي الملاك يزيد وبقوة نحو استغلال أصولهم لتدر عائدا يستفيدون منه مع الحفاظ على الأصل وصيانته الدورية من التلف أو التخريب ومع الوقت قيمته الإيجارية تكون أعلى مما يصب في مصلحة صاحبه بشكل كبير.
عجز في أماكن الضيافة
وأشار فارس إلى أن مصر استقبلت نحو 14.9 مليون سائح خلال العام الماضي، بزيادة سنوية أكثر من 27%، في الوقت الذي تعاني من نقص الفنادق التي تستوعب هذا العدد الضخم من السياح، فضلا عن توجه الدولة في الفترة القادمة استهداف 30 مليون سائح سنويا، مما يجعل الوقت مناسبا جدا لتوسع وانتشار هذا النوع من “البيزنس”، على حد تعبيره.
أزمة الوحدات المغلقة
ومن جانبه، قال مصطفى النحوي رئيس مجلس إدارة شركة “بيرد نست” Bird Nest لإدارة الوحدات الفندقية إنه بدء شركته بسبب طبيعة عمله في المجال العقاري عندما وجد عزوف العملاء عن شراء الوحدات الفندقية لضعف قدرتهم على تحقيق عائد من الاستثمار فيها عن طريق الإيجار التقليدي، وبالتالي قرر أن يؤسس شركة للاستفادة بشكل كبير من تلك الأصول المغلقة والتي تقع في أماكن مميزة يمكنها أن تحقق أعلى نسبة من الربح والعائد لأصحابها بدلا من إغلاقها وعدم الاستفادة منها.
وأضاف النحوي لـ “العربية Business” أنه من خلال دراسة احتياجات السوق لهذا النوع من الوحدات وجد طلبا كبيرا عليها في منطقة الساحل الشمالي وبدأت بالفعل في إدارة بعض الوحدات الفندقية وتأجيرها في “مراسي” لتبلغ 150 وحدة فندقية تديرها الشركة حاليا في الساحل الشمالي.
الاستفادة من وحدة غير شاغرة
من جانبه، قال علي جاد الله رئيس القطاع التجاري بشركة ليمون سبيسز Lemon Spaces إن الفكرة بدأت بشقة أحد الشركاء في الشركة لا يسكنها كتجربة قبل بدء العمل الخاص بهم وبالفعل وجدوا طلبا عليها من الأجانب وبعدها استأجروا شقة أخرى في مكان آخر وتم تجديدها وتأجيرها هي الأخرى وبعائد الإيجار تم استئجار شقق أخرى لإعادة التجربة ومن هنا انطلق بيزنس شركة ليمون سبيسز. وبعد انتشار كورونا، بدأت الشركة في تغير استراتيجية العمل الخاصة بها من خلال نموذج مشاركة العائد مع ملاك الوحدات بموجبها يستفيد المالك بنسبة محددة من عائد الإيجار.
خدمة الفرش
أضاف النحوي، “بجانب إدارة الأصول والوحدات غير المستغلة، تقدم “بيرد نست” أيضا خدمة فرش الوحدات غير المفروشة من خلال إتاحة أكثر من نموذج جاهز تقدمه الشركة للمالك بسعر محدد يبدأ من 500 ألف جنيه للوحدة ويمكن تقسيط الفرش عن طريق شركات الشراء الآن والدفع لاحقاً.
نمو كبير
ينمو قطاع تأجير الوحدات والشقق الفندقية بسرعة كبيرة تتجاوز 100% سنويا لأنه سوق بكر وعدد الشركات فيه ليس كبير، ولكن هناك فرص لزيادتها، فالسوق يستوعب عدد أكبر من الشركات الموجود حاليا، وفقا لفارس.
وبحسب جاد الله، شهد الطلب مؤخرا على الشقق الفندقية ارتفاعا كبيرا أثر على حجوزات الفنادق، بينما بدأت بعض الفنادق مؤخرا في طرح مثل تلك الوحدات تجنبا لفقدان قاعدة من نزلائها الراغبين في الإقامة بشقق فندقية. وعلى مستوى نمو أعمال الشركة في قطاع الشقق الفندقية، أشار جاد الله إلى أن متوسط نمو حجم أعمال الشركة بلغ حوالي 200% سنوياً.
اشتراطات فنادق
أوضح جاد الله ل العربية Business “أنه عند تأجير الوحدات الفندقية سواء لمصريين أو لأجانب تطبق عليهم القوانين المصرية المنظمة لعمل الفنادق ومؤسسات الضيافة وأهمها السماح للأزواج فقط الإقامة بالشقة مع تقديم وثيقة الزواج الرسمية التي تثبت علاقة الزواج بينهما، ومنع أي زيارات من الجنس الآخر لغير المتزوجين. وإن من يقوم بمخالفة تلك الشروط تقوم الشركة بإنهاء إقامة الضيف أو الساكن مع خسارة مبلغ التأمين الذي دفعه مسبقا قبل الإقامة.
شركة إدارة أم سمسار
بحسب فارس، فإن شركات الإدارة تقوم بالعمل بشكل احترافي مع ضمان الحفاظ على أصل المالك كما هو ويحافظ على قيمته ويتم صيانته وإدارته بشكل دوري محترف، فضلا عن تأجير المكان بشكل مستمر لمالكه مما يضمن له عائد متكرر مستمر أفضل من السمسار الذي قد يؤجره للمالك فترات قصيرة وعملاء أقل ولا يوجد صيانة أو تأمين أو ضمانات.
كما يرى أن تلك الشركات لديها من المهارة والاحترافية التي تجعلها تستهدف العميل أو السائح من خلال المنصات التسويقية المختلفة والتي تتناسب مع العملاء ويعلم جيدا طبيعة كل ضيف واحتياجاته.
بينما يرى النحوي أن الشركات المتخصصة في إدارة تلك الوحدات تستطيع أن تؤجر الوحدات لفترات قصيرة مع احتساب العوائد المتوقعة وهي عادة ضعف وفي بعض الأحيان تصل إلى 4 أضعاف العوائد المتحققة إذا ما قام المالك بتأجيرها فترة طويلة.
وأشار جاد الله أن العمل من خلال شركات متخصصة يضمن للمالك الحفاظ على وحدته وتأمينها ضد السرقة أو الحرائق أو تبديد الأثاث لأن الشركة بموجب تعاقدها مع المالك هي المسؤولة عن تعويض المالك وإصلاح التلفيات في حالة حدوثها أثناء مدة الإيجار، مضيفا أن شركته متعاقدة مع عدد من المؤسسات الدولية والأجنبية العاملة في مصر وبالتالي تضمن للعملاء تأجير وحداتهم طول الوقت وبالمقابل يحصل المالك على عوائد أكبر طوال العام.
تطلعات شركات التطوير للشراكة
نظرا لكون عددهم لا يزيد على 5 شركات وهي المحترفة التي تعمل في هذا النشاط، فجميعهم تلقوا طلبات وعروضا من المطورين العقاريين لإدارة وحداتهم الفندقية داخل مشروعات أو حتى لإدارة الوحدات الفندقية المملوكة لعملائهم داخل مشروعاتهم.
وكشف النحوي أن شركة “بيرد نست” تلقت أكثر من عرض للاستحواذ من قبل بعض شركات التطوير العقاري المصرية، كما أن الشركة لديها شراكات مع بعض المطورين العقاريين مثل شركة إعمار لإدارة الوحدات الفندقية في مشروع” مراسي “وأيضا شراكة مع شركة تطوير مصر بمشروع “فوكا باي” و “المونت جلالة”، بالإضافة إلى شراكة مع شركة واتر واي وجاري حاليا التعاقد مع مطورين آخرين.
ونوه جاد الله أن شركته تلقت أكثر من عرض من شركات التطوير العقاري للتعاون معها بعد نجاح تجربة الشركة مع شركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري وشركة سامكريت للمقاولات وشركة تطوير مصر التي تعاونت معها ليمون سبيسز في إدارة الكبائن الفندقية بمشروع D- Bay والتي تم تشغيلها الصيف الماضي.
فرص توسعية
كشف النحوي أن شركة” بيرد نست “وقعت شراكة بنسبة أقلية مع بلتون وأيضا شراكة مع شركة CIDC الإماراتية بهدف زيادة رأس مال الشركة للتوسع في سوق تأجير الوحدات الفندقية في مصر وفي المنطقة، وتخطط الشركة للتوسع في الساحل الشمالي نظرا لوجود طلب عال على هذا النوع من الوحدات، بالإضافة إلى بدأ الاستثمار في منطقة الجونة وأيضا التوسع في المناطق السياحية والتجارية في وسط القاهرة والزمالك.
وأضاف أن الشركة تدير حاليا 200 وحدة بالإضافة إلى 200 وحدة سيتم تشغيلهم خلال الربع الثاني أو الثالث من العام الجاري مع الوصول إلى 1000 وحدة بنهاية العام الجاري.
وبحسب فارس، تتطلع شركة “فيستا” لإضافة أكثر من 800 وحدة فندقية خلال سنة ونصف إلى سنتين وهذه القفزة في عدد الوحدات بسبب وجود فرص بالسوق المحلي، فضلا عن زيارة الطلب على هذا النوع من العقارات، والتوسع في القاهرة بشكل أكبر ليضم مناطق ومدنا أكثر.
متوسط الأسعار ومدد الإيجار
بحسب جادالله، متوسط سعر الشقق الفندقية يصل الى 120 دولارا في الليلة الواحدة. وتبدأ مدد الإيجار من ليلة، وقد تصل إلى شهرين أو أكثر على حسب رغبة المقيم أو العميل، وأن بعض الشركات لا تشترط مدة معينة للإقامة فالمدة مفتوحة على حسب الطلب.