وكالات
قالت بحوث شركة “نعيم القابضة”، إن القدرة على تحمل تكاليف السكن في مصر منخفضة مقارنة بالدول الناشئة والمتقدمة الأخرى. إذ تبلغ نسبة قيمة المنزل إلى متوسط الدخل السنوي في مصر 17 ضعفاً، وقد تدهورت هذه النسبة على مدى السنوات العشر الماضية بسبب الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية نتيجة لبرامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، والتي تفاقمت بسبب تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الخارج الناجمة عن التوترات الجيوسياسية منذ عام 2022.
وعلى الرغم من انخفاض القدرة على تحمل التكاليف خاصة في الطبقات المنخفضة والمتوسطة الدخل، إلا أن القطاع لا يزال واعداً، وذلك بفضل التركيبة السكانية القوية، والتي على الرغم من ضعف القوة الشرائية، أدت إلى ارتفاع الطلب على الإيجارات (حيث تظل عائدات الإيجار جذابة). يصل إجمالي عدد سكان مصر في عام 2023 إلى 105 ملايين نسمة، غالبيتهم من الشباب (أكثر من 70% منهم من الشباب)، وينمو بنسبة 1.5% سنوياً مع ما يقرب من مليون حالة زواج كل عام.
وتعزز التركيبة السكانية القوية، وسط نقص العرض، جاذبية القطاع على المدى الطويل، وتحفز أيضاً الطلب على الاستثمار؛ خاصة بسبب ارتفاع الطلب على الإيجارات، وكذلك طبيعة الاستثمار العقاري في البلاد المقاومة للتضخم (وسط التضخم المفرط). نظراً لارتفاع معدلات الزواج سنوياً، فإن الطلب السنوي يتجاوز العرض بنحو 500 ألف وحدة سنوياً، وفقاً لحسابات نعيم.
ويمثل الطلب على الاستثمار الآمن أيضاً محركاً رئيسياً آخر للمبيعات ونمو القطاع، وذلك بفضل عوائد الاستثمار المرتفعة التي توفرها العقارات التي كانت مرنة تاريخياً وتتغلب باستمرار على معدلات التضخم.
تعد عوائد الاستثمار الناتجة عن العقارات (بما في ذلك عائد الإيجار وارتفاع قيمة الأصول) كبيرة – حيث تتراوح عائدات الإيجار من 8% إلى 12% سنوياً، فضلاً عن ارتفاع العائد الرأسمالي الناتج عن زيادة قيمة العقارات بنسبة 50% في المتوسط على مدار العامين الماضيين – وهو أعلى بكثير من معدل التضخم البالغ 14%، و34% في عامي 2022 و2023 على التوالي.
وأشارت بحوث نعيم، وفقاً لمذكرة بحثية حديثة اطلعت عليها “العربية Business”، إلى أن طبيعة نقص المعروض في سوق العقارات تتفاقم بسبب الطلب المتزايد من اللاجئين العرب على مدى السنوات العشر الماضية، وخاصة في مراكز المدن التي يهيمن عليها المطورون غير الرسميين. وتأوي مصر ما يقرب من 9 ملايين لاجئ، ومن المتوقع أن يرتفع العدد بسبب الاضطرابات في المنطقة.
وتمثل نية الحكومة واستراتيجيتها لتقليل بصمتها في الاقتصاد والخروج من القطاعات بما في ذلك العقارات، إشارة إيجابية للقطاع الخاص لتعزيز المساهمة، خاصة في قطاعات الإسكان ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تهيمن عليها الحكومة من خلال خطط الدفع وأسعار الفائدة المدعومة.
كانت مشاريع الإسكان منخفضة ومتوسطة الدخل مثل سكن مصر ودار مصر ومشاريع الإسكان الاجتماعي هي المستفيد الرئيسي من تسهيلات الإقراض المدعومة من البنك المركزي المصري بقيمة 150 مليار جنيه مصري بمعدل فائدة 3% إلى 8%، مع توجيه جزء صغير فقط إلى مطوري القطاع الخاص.
وتوقعت “نعيم” نقصاً إضافياً في المساكن خاصة في فئة الدخل المنخفض والمتوسط، مع اقتراب موعد استحقاق صندوق الإقراض السكني التابع للبنك المركزي بقيمة 150 مليار جنيه، مما سيؤثر سلباً على وتيرة المشروعات التابعة للحكومة مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة نقص المعروض. وقامت الحكومة بتوريد 30% في المتوسط من إجمالي الوحدات البالغة 123 ألف وحدة سنوياً خلال السنوات الثماني الماضية (2016-2023).