تتجه “كانتري غاردن” (Country Garden)، أكبر مطور عقاري في الصين، نحو التخلف عن سداد ديونها، و علقت الشركة العقارية المتعثرة تداول ما يقرب من عشرة سندات داخلية اليوم الاثنين، ممهدة الطريق لمفاوضات الديون وإعادة هيكلة محتملة. تواصلت الشركة مع البنك الاستثماري “تشاينا إنترناشيونال كابيتال كورب” لاستكشاف خيارات منها تمديد سندات باليوان مستحقة قريباً ، ومع وجود سندات مستحقة بنحو 10 مليارات دولار، يرغب المستثمرون الأجانب بالطبع في معرفة ما سيعنيه هذا بالنسبة لأدوات الدين التي لديهم، مثل معدّل الاسترداد، وتوقيت إعادة جدولة الديون.
أفضل حالاً من ايفرغراند
أولاً، الجيد. “كانتري غاردن” ليست “إيفرغراند غروب”. فالشركة تُدار على نحو أفضل كثيراً. وليس لديها على الأرجح شبكة غامضة من الديون خارج الميزانية العمومية كالتي كوّنتها “إيفرغراند”-أو العديد من شركات التطوير العقاري في البر الرئيسي. كما أن تقاريرها المالية أكثر مصداقية. فحتى نهاية 2022، كان لدى “كانتري غاردن” 87 مليار يوان (12 مليار دولار) نقداً غير مقيد، باستثناء ما في حسابات الضمان. ومن المحتمل أن تستخدم هذه الأموال في إنجاز مشروعات غير مكتملة، بدلاً من تحويلها لسداد بعض الديون المخفية في مكان ما.
ثانياً، السيئ. في سيناريو إعادة الهيكلة، من غير المرجح أن يتوقع المستثمرون الحصول على أي أموال مقدماً. ومبادلة أوراقهم النقدية بسندات عينية -وهي وسيلة تلجأ إليها الشركات المتعثرة غالباً للحفاظ على النقد- أمر مطروح إلى حد بعيد.
لأول مرة.. “كانتري غاردن” الصينية تسعى لتمديد فترة سداد سندات
ونقطة ضعف “كانتري غاردن” الكبيرة هي انكشافها الشديد على المدن الصغيرة التي تعاني من زيادة المعروض من المساكن وهجرة السكان. ومن العوامل المعوقة أيضاً، تحويل الحكومة سياسة التسهيلات إلى مدن أكبر وأكثر قدرة على الصمود، الأمر الذي قد لا يفيد الشركة على نحو يذكر. وسوف تستغرق المبيعات وقتاً للتعافي.
لكن الشركة تحتاج، وفقاً لتقديراتها، إلى مبيعات تتراوح بين 28 و30 مليار يوان شهرياً لتوليد ما يكفي من النقود، ولتتمكن من إتمام المشروعات المباعة مسبقاً. غير أنها لم تصل إلى نقطة التعادل (عتبة الربحية) هذا العام، بل إن الأشهر القليلة الماضية كانت أسوأ، بمعنى تجاوز مصروفاتها إيراداتها.
والآن هنا يأتي ما هو أسوأ. من المحتمل أن تكون “كانتري غاردن” قد تخلفت عن سداد سنداتها الدولارية منذ فترة طويلة، ولا توجد إعادة هيكلة على الإطلاق. ولن تقترح الشركة إعادة جدولة الديون إلا إذا كان مساهموها ما يزالون يرون أنها ذات قيمة، ويريدون المضي قدماً وترك الأزمة وراء ظهورهم. لكن هل لا تزال سيدة الأعمال المليارديرة يانغ هويان، التي كانت تملك 52.6% من أسهم الشركة حتى نهاية يوليو، تؤمن في إمكان تحويل “كانتري غاردن” إلى الربحية، رغم وجود تاريخ في تقديم الدعم المالي؟ يمكن لحصتها الضخمة في شركة التطوير العقاري أن تغير بشكل جوهري سياستها المالية وموقفها تجاه حاملي السندات.
و في الصين، مضى زمن التطوير العقاري الذي يعتمد على رأس مال ضخم منذ فترة طويلة، وباتت إدارة العقارات والخدمات هي المستقبل. ومن المتوقع في حقيقة الأمر أن تحقق “كانتري غاردن سيرفسيز هولدينغز” صافي أرباح 2.6 مليار يوان في النصف الأول، في حين أن وحدة التطوير العقاري المتعثرة قد تشهد خسارة صافية تصل إلى 55 مليار يوان. ولمعرفة ما إذا كان كبار رجال الأعمال المأزومين على استعداد للتفاوض بشأن الديون، من المهم النظر إلى العلاقة بين وحدات أعمالهم.
قل عني واقعياً، لكن يانغ ربما لم تعد تهتم بذلك. فـ”كانتري غاردن” “وكانتري غاردن سيرفسيز” شركتان شقيقتان تسيطر يانغ عليهما. وفي أواخر يوليو، منحت السيدة البالغة من العمر 41 عاماً نحو 55% من حصتها الشخصية في وحدة إدارة العقارات لمؤسسة خيرية أسستها شقيقتها، مع الاحتفاظ بحقوق التصويت. وستحتفظ المؤسسة الخيرية بالأسهم لمدة 10 سنوات.
مساع حثيثة للإنقاذ
يتعارض هيكل الشركة هذا بشدة مع إمبراطورية صن هونغ بين، على سبيل المثال. فشركة “سوناك سيرفسيز هولدينغز” (Sunac Services Holdings) خاضعة لسيطرة وحدة التطوير “سوناك تشاينا هولدينغز” (Sunac China Holdings). وعلى هذا النحو، فإن لدى الملياردير حافزاً مالياً لإعادة هيكلة “سوناك تشاينا”، وبل وتقديم حوافز ومغريات.
وبغض النظر عما يحدث لـ”كانتري غاردن”، يمكن لمعظم المستثمرين الاتفاق على شيء واحد: أن شركة التطوير العقاري تحاول جاهدة منذ عامين الوفاء بالتزاماتها حتى عندما تخلفت شركات أخرى عن السداد وسط الإجراءات التنظيمية الصارمة التي تفرضها الحكومة. وها هي “كانتري غاردن” قد وصلت لتوها إلى نهاية الطريق ولا يسعها فعل المزيد.