العمارة السلمانية هي نمط من العمارة التقليدية العربية ، ويعود الطراز السلماني إلى الملك سلمان الذي قضى أكثر من خمسة عقود أميرًا للرياض، تمكّن خلالها من تأسيس فلسفة ورؤية فريدة في التصميم المعماري، وهو ما ظهر أثره جليًّا في جعل العاصمة الرياض عاصمة عربيه عالمية تجمع مابين الأصالة والتجديد معًا، فلا تطغى المعاصرة على تراثها الرفيع.، و تميزت العمارة السلمانية بأسلوبها الفريد والمميز، وشهدت انتشارًا واسعًا في مناطق مختلفة من العالم العربي، بما في ذلك المملكه العربيه السعوديه ، مصر، وسوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين، والعراق.
و تتميز العمارة السلمانية بعدة سمات وزخارف مميزة، منها واجهاتها الزخرفية الجميلة والمعقدة، و تستخدم البلاطات المزخرفة، والزخارف النباتية، والأشكال الهندسية المتنوعة لتزيين الجدران والأعمدة والشرفات ، كما تتميز العمارة السلمانية بوجود قباب زخرفية على المباني ، و تكون هذه القباب مزخرفة بالأنماط الهندسية والزخارف النباتية وتعطي للمبنى طابعًا فريدًا وجماليًا، كما يتم استخدام الأقواس والعوارض المزخرفة في العمارة السلمانية لتزيين المداخل والنوافذ والأروقة. تكون هذه العناصر ذات زخرفة دقيقة ، و تتميز العمارة السليمانية بوجود أبواب زخرفية مفصلة ومزخرفة بأشكال هندسية ونباتية ، تُعَدُّ هذه الأبواب من أهم العناصر التي تعطي للمبنى جاذبية وجمالاً.
و لا شك أن العمارة السلمانية في هندسة العمارة والمجمعات الحضرية يؤسس بيئة عمرانية خصبة للإبداع والابتكار من منطلق تعزيز إطار يحدد مكتسبات الهوية العمرانية المحلية لجميع مناطق المملكة والمحافظة على الموروث الثقافي والإنساني العريق للمملكة العربية السعودية منذ منطلق محطات الازدهار الذي شهدته التنمية السعودية في سيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، ودائما مايذكر جلاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله «إننا نرى العمارة شاهداً على تاريخ هذه البلاد المباركة، و تجسيداً للجهود العمرانية التى تمت، ولثقافتنا وإصابة هويتنا، وسيساهم بإذن الله في توحيد الجهود المستقبلية للوصول لتنوع الحلول والإبداع العمراني المستوحى من عمق ثقافتنا”
و تستخدم العمارة السلمانية في العصر الحديث في بعض الدول الإسلامية، خاصة في الأماكن الحضرية التي تحتفظ بالتراث الإسلامي والعربي ، و يتم تطبيق العمارة السلمانية في تصميم المنازل والمساجد والقصور والمباني الحكومية والتجارية والفنادق، وتشمل العناصر الرئيسية للتصميم استخدام الزخارف الإسلامية والأعمدة الزخرفية والقباب والمساجد والترابيع، ويمكن أن تتنوع المواد المستخدمة في العمارة السلمانية، بما في ذلك الحجر والطوب والخشب والجص والألواح الزجاجية.
تعتمد مواد البناء في العمارة السلمانية على المنطقة الجغرافية والثقافة المحلية، حيث يستخدمون موادًا متوفرة محليًا وذات جودة عالية ومتانة لتحمل ظروف المناخ والظروف الجوية الصعبة في المنطقة، وعادةً ما تتضمن هذه المواد الطين والحجر والخشب والجص والخرسانة المسلحة والزجاج الملون ، و في العمارة السلمانية، يعتبر الطين أحد المواد الأساسية في البناء، حيث يستخدم في تشكيل الجدران والأسقف والأعمدة، كما يستخدم في صنع الطوب الذي يستخدم في بناء الجدران الخارجية والداخلية. ويعتبر الحجر الطبيعي أيضًا مادة بناء شائعة في العمارة السلمانية، حيث يستخدم في بناء الجدران والأسوار والأساسات.
أما بالنسبة للخشب، فيستخدم في الأسقف والأرضيات والأعمدة، كما يستخدم في تشكيل النوافذ والأبواب. ويستخدم الجص أيضًا في العمارة السلمانية في تشكيل الجدران والأسقف والتفاصيل الزخرفية. ويستخدم الخرسانة المسلحة في الأساسات والجدران الخارجية والأسقف والأعمدة، ويستخدم الزجاج الملون في النوافذ والأبواب والزخارف.
وبلاشك إن إبراز الأعمال العمرانية المميزة أسوة بالأدب والعلوم والفنون والرياضة والفروسية يقيم تنافسية يحقق الرقي بالمشهد الحضري السعودي من أجل الطبيعة في عهد المساواة محل إعجاب.
كما أن إطلاق مبادرة «ميثاق الملك سلمان العمراني» بعد أن كشفت هيئة فنون العمارة والتصميم يوم الخميس (26 ربيع الآخر 1443 هـ الموافق 01 ديسمبر 2021 م) ، وهو مايمثل فلسفة القيم الأساسية العمرانية ابتداء من الأصالة إلى الاستدامة ومروراً بالاستمرارية ومحورية الإنسان وملاءمة العيش والابتكار، وهو ماكان سببا قويا ورئيسيا في دعم جهود الفنون والتصميمات داخل المملكه العربيه السعوديه.
أن الإفصاح بأن المحافظة على هوية المكان والزمان، والالتزام بعناصره الجمالية مع أعلى معايير الاستدامة مثلما أوضخ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحققه ، من خلال تأصيل نهج العمارة السلمانية والالتزام بالقيم الأصيلة التي غرسها خادم الحرمين الشريفين في مسيرة التنمية الوطنية، تم التأسيس لميثاق الملك سلمان العمراني كمرحلة جديدة من النهضة العمرانية عنوانها المحافظة على هوية المكان وثقافته، والالتزام بعناصره الجمالية، وبروحه المتوائمة مع أعلى معايير الاستدامة، حيث إن السعي لتسجيل هوية عمرانية سعودية مميزة لا مثيل لها من المكان والزمان التى احتضنها من أجل الطبيعة يتطلب مزيداً من التعاون لنتمكن من أعمال معمارية إبداعية وابتكارية بحلول مناخية مبتكرة ذات تفكير مستقبلي تسهم في تحقيق رؤيه المملكه للتنميه المستدامه 2030
“فن القط العسيري.. الفنون وتحقيق الاصاله”
أما بالنسبه لفن القَطّ العسيري” فهو فن تراثي قديم ينتشر في منطقة عسير جنوبي السعودية، وتمارسه النساء عادة لزخرفة المنازل من الداخل ، فمع تولي الرجل مسؤولية بناء وصيانة المنزل من الخارج، فإن سيدة المنزل تتولى زخرفته من الداخل وخصوصا غرف المعيشة، إذ تُرسم أشكال متناسقة على جدران الغرفة تتضمن ألوانا براقة وجذابة.
وكانت الألوان تستخلص في السابق من لحاء الشجر ومن الورود والحشائش وكذلك من أنواع من الحجر والفحم، بينما يستخدم شعر ذيل الماعز أو الأغصان كأداة للتلوين ، وتختلف أشكال الزخرفة من منطقة إلى أخرى، ففي بعضها ترسم النسوة زخرفات بأشكال كبيرة، وفي أخرى يرسمن أشكالا ناعمة ذات تفاصيل دقيقة، يساهم في تعزيز “الترابط الاجتماعي والتضامن بين النساء في المجتمع ، وكانت سيدة البيت ترسم خطوطا أولية للزخارف وتضع نقاطا ملونة تمثل لون كل جزء، بينما تساعد الأخريات في رسم الزخارف والأشكال وتلوينها ، لكنه أصبح في الوقت الحاضر ممكنا مشاهدة فن “القط العسيري” على لوحات وأوان يقوم بها فنانون من الجنسين، ولم يعد مقتصرا على النساء وعلى جدران المنازل.
و الجدير بالذكر أن السلطات المعنية بالثقافة في السعودية ومنظمات المجتمع المدني تنظم ورشات عمل ودورات تدريبية على هذا الفن التراثي لتوعية جيل الشباب بشأنه والحفاظ عليه من الاندثار والنسيان ، ويعد إدراج “القط العسيري” ضمن قائمة التراث الثقافي في اليونسكو انتصاراً لهذا الفن وإبداعاته، لينضم إلى ما سبق تسجيله من تراث مادي وغير مادي في السنوات الماضية؛ الأمر الذي سيسهم في زيادة الاهتمام به من قبل الجهات ذات العلاقة وإجراء الدراسات والأبحاث العلمية من قبل المهتمين والباحثين حول العالم ، وأصبح هذا الفن اليوم يمارَس من قِبل الفنانين والمصممين والمهندسين في كافة أنحاء العالم. وتطبيقه في العديد من المنازل يضمن استمراريته وتعلق الأجيال به. كما أنه يعزز الترابط الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع الواحد.
نشأة القط العسيري
نشأ هذا الفن في منطقة عسير على يد المرأة العسيرية، ففيما يتولى الرجل مسؤولية بناء المنزل وصيانته من الخارج، أخذت المرأة على عاتقها زخرفته من الداخل، وخصوصا غرف المعيشة، حيث أبدعت في رسم أشكال متناسقة على جدران الغرفة تتضمن ألواناً براقة وجذابة ، وتُستمد زخارف فن القط من النباتات والوحدات الهندسية المجردة. وتدعو النساء أقاربهن من مختلف الفئات العمرية لمساعدتهن في تجميل منازلهن بعد الزواج بشتى أنواع الرسوم والزخارف، وتجديدها في المناسبات والأعياد، وبذلك توارثت الأجيال هذه المعرفة. ولا يقتصر وجود الزخارف على الجدران، بل يمكن رؤيتها على الفخار أيضاً ، وقد لاقى هذا الفن رواجاً محلياً وعالمياً، إذ عُرضت جدارية لـ”القط” عام 2015 في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وهي تحفة فنية بطول 18 متراً، نفذتها 12 سيدة من منطقة عسير بعنوان “منزل أمهاتنا”.
جذب سياحي
من الأماكن الشهيرة بفن القط العسيري، قرية رجال ألمع، التي تعود إلى القرن العاشر، وتقع على أرض خضراء شديدة الانحدار، وفيها حوالي 60 قلعة حجرية يبلغ ارتفاعها حوالي 20 متراً ، وكانت هذه القرية المعلقة ذات يوم مركزاً تجارياً بين اليمن والحجاز، وأصبحت الآن منطقة جذب سياحي ووجهة صيفية شهيرة للسكان المحليين ، وخلال مواسم الإجازات والأعياد، يستمتع الزوار بعروض التراث التقليدية، والعروض الضوئية عن تاريخ المنطقة وأسواق الحرف اليدوية المحلية.
رائدة فن القط العسيري
وتعد الفنانة الراحلة فاطمة علي أبو قحاص، من رائدات فن القط العسيري، أو فن نقش الجدران، رغم عدم حصولها على أي شهادة تعليمية، إذ تعلمت الفن التشكيلي على يد والدتها، حين كان عمرها 8 سنوات، ثم احترفته مهنةً لها، وتمكنت من نقل إبداعاتها للكثير من الفتيات وربات المنازل ، وقد ظلت تمارس فن القط العسيري باحترافية عالية لمدة 70 عاماً، فزينت الكثير من المزارات السياحية، مثل حصن رازح، وبيت آل الزهر في الخليس، وحصن آل علوان الذي يضم متحف ألمع الدائم للتراث، وجدارية ضحمة في مدخل فندق قصر أبها الفاخر ، وفازت فاطمة أبو قحاص، بجائزة أبها لعام 1418 هـ، في الخدمة الوطنية، ونالت جوائز وشهادات تقديرية من اللجان التراثية في منطقة عسير، واختيرت كأشهر شخصية تراثية في مهرجان الجنادرية لعام 2007 ، وتُسخِّر فاطمة البيئة المحيطة في النقوش والألوان والخامات، فقد صنعت من شعر ذيل الماعز ريشة للرسم، واستخدمت النباتات والطين في عمليات التلوين والزخرفة.
كما حققت السياحة السعودية، إنجازاً عالمياً بتسجيل فن “القط العسيري” (الزخارف التهامية الملونة)، ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي، لدى منظمة اليونسكو والمهتمة بالثقافة والتراث العالمي، ويعني القَط العسيري، تلك الزخارف والرسومات الفنية على جدران البيوت التهامية القديمة، ويوجد “القط العسيري” بزخارفه الرائعة كنماذج متعددة في أعمال الديكور والأثاث والأزياء السعودية.
جدير بالذكر أن التراث الثقافي المادي السعودي المدرج الآن في قائمة التراث العالمي هو: “مدائن صالح” التي أدرجت في عام 2008، و”حي طريف بالدرعية” الذي أدرج في عام 2010، وجدة التاريخية التي أدرجت في عام 2014، وحائل التي أدرجت في عام 2015.